إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

من تاريخ الحزب الجمهوري السوداني

د. محمد محمد الأمين عبد الرازق


على شرف مئوية الأستاذ محمود محمد طه

على شرف مئوية الأستاذ محمود محمد طه

من تاريخ الحزب الجمهوري السوداني (1)


محمد محمد الأمين عبد الرازق

هذه المقالات مهداة إلى الشعب السوداني عامة، وإلى الشباب بصفة خاصة.. وهي تسجل أحداث فترة من أهم الفترات في تاريخنا الوطني، وهى الفترة التي أعقبت نشوء مؤتمر الخريجين وقيام الأحزاب السودانية وحتى الاستقلال.. وهذه الفترة هى التي تصعد فيه النشاط الوطني ، وأخذ طابعه السياسي السافر.. ونهدف من هذا البحث إلى تسليط الضوء على دور الحزب الجمهوري في الحركة الوطنية، حتى نكشف طرفا من تاريخ السودان لم نسمع عنه قط لا في الإعلام القومي، ولا في مناهج التعليم!!
لقد دارت حركة الحزب حول مجالين أساسين في تلك الفترة، هما: ملء فرغ الحماس الوطني، وملء فراغ الفكر.. وقد كان حزبًا متفرداً بين الأحزاب السودانية في أساليبه في العمل الوطني، وفي مواقفه ضد المستعمر، وفي أفكاره.. فقد اتجه منذ البداية إلى العمل السياسي المكشوف، وإلى المواجهة مع المستعمر، ولذلك قدم أول سجناء الحركة الوطنية في تلك الفترة.. فقد سجن رئيس الحزب الأستاذ محمود محمد طه مرتين: الأولى في يونيو عام 1946م ، حيث قضى بالسجن خمسين يوماً، والثانية في أكتوبر 1946م حيث قضى عامين كاملين بسبب أحداث ثورة رفاعة ضد قانون منع الخفاض الفرعوني.. وسجن كذلك عدد من أعضاء الحزب بعد أحداث ثورة رفاعة، لاحتجاجهم بمسيرات في الخرطوم ضد الإنجليز. والسجناء هم:-
عثمان عمر العتبانى ثلاثة شهور، سعد صالح عبد القادر شهر سجناً، ذو النون جبارة شهر سجناً.. وكانت المادة التي حوكم تحتها الجمهوريون هى إثارة الكراهية ضد الحكومة (105) المشهورة.. وبعد سجن الجمهوريين بعامين جاء سجناء الحركة الوطنية الآخرون في عام 1948 بسبب مقاومة الجمعية التشريعية.. وكان الجمهوريون في هذه الفترة حركة لا تهدأ في العمل الوطني ضد المستعمر، في سبيل الاستقلال والجلاء التام للإنجليز والمصريين معاً..
وقد نعى الحزب منذ البداية على الأحزاب الأخرى انعدام المذهبية، ولجوءها إلى الطائفية، وسعى إلى تسديد هذا الثقرة ، بتقديم المذهبية الإسلامية كما يراها ، مبوبة ومفصلة، وكان لا يقبل في عضويته الا من يؤمن بمبادئه.. ولإعطاء فكرة أوسع حول هذه المقدمة، نتحدث عن نشأة الحزب من خلال ملابسات نشأة الأحزاب الأخرى...

نشأة الحزب


كانت نشأة مؤتمر الخريجين في عام 1938م، وقد وفق في إنشاء المدارس الوسطي ونجح في شحذ همم المواطنين في دعم التعليم، والصحة وغيرها من الخدمات للمجتمع.. وعند قيام الحرب العالمية الثانية وعد الحلفاء المستعمرات التي تقع تحت سيطرتهم بإعطائها حق تقرير المصير، كمكافأة لها، على مساندتها لهم في الحرب .. وكان السودان قد شارك في الحرب في جانب الحلفاء ، بقوة دفاع السودان.. وفي عام 1942م رفع مؤتمر الخريجين مذكرة إلى الحكومة، طالب فيها، ضمن مطالب أخرى، بحق تقرير المصير ، وبتلك المذكرة أسفر المؤتمر عن وجهه السياسي..
وقد انبثقت الأحزاب السياسية من داخل المؤتمر ، فظهرت الأحزاب الاتحادية أولاً ثم تلاها حزب الأمة .. وقد أدى صراع الأحزاب ، وتنافسها حول كراسي المؤتمر إلى الانقسام في الحركة الوطنية ، ومما زاد في الانقسام الخلاف داخل المؤتمر بين الأحزاب حول مصير السودان .. فبينما كان الاتحاديون يرون الوحدة مع مصر ، كان حزب الأمة يرى الاستقلال والتحالف مع بريطانيا.. وقد كان نهج المؤتمر، والأحزاب في العمل الوطني، هو تقديم المذكرات للحكومة، دون إشراك الشعب في القضية الوطنية، أو حتى تنويره بها.. وقد أدرك بعض المثقفين الوطنيين، جوانب القصور في عمل المؤتمر والأحزاب فرأوا أن المؤتمر قد فشل في جمع شتات الخريجين في وحدة تنأى بهم عن التفرقة، كما فشل في توعية الشعب، وإشراكه في القضية الوطنية.. فوقف بعض هؤلاء المثقفين موقفاً إيجابياً بالبعد عن المؤتمر، في حين رأى البعض الآخر أن يقف موقفاً أكثر فعالية، بأن يعمل خارج المؤتمر، ويسعى إلى تسديد النقص والقصور الذي يراه عند المؤتمر وعند الأحزاب .. ومن هذا المنطلق بدأت نشأة الحزب الجمهوري في أكتوبر 1945م . فجاء مختلفاً في نهجه السياسي وفي أفكاره وتطلعاته عن المؤتمر وعن الأحزاب الاتحادية والاستقلالية التي انبثقت عنه ، فأعطى الحركة الوطنية طعماً جديداً وأثراها وأضاف إليها أبعاداً لم تكن عندها..
كان الأستاذ محمود يكتب مقالات في الصحف اليومية، حول مختلف القضايا الوطنية، ولم يكن في برنامجه فكرة تكوين حزب.. وقد لفتت تلك المقالات أنظار بعض المثقفين، ونالت إعجابهم لما فيها من دعوة إلى الاستقلال، وكانت إحداها تحت عنوان: لماذا مصر ولماذا بريطانيا؟ فدعا السيد أمين مصطفي التني الأستاذ محمود ومجموعة من الشباب إلى اجتماع تحت شجرة بالمقرن لتدارس قضايا الحركة الوطنية، والموقف منها، وأعقب هذا الاجتماع عدة اجتماعات في أماكن متفرقة، تمخض عنها قيام الحزب الجمهوري.. وقد ضمت الجلسة الأولى التي عقدت بالمقرن والتي كونت نواة الحزب:-
الأستاذ محمود محمد طه – أمين مصطفي التني – منصور عبد الحميد – إبراهيم المغربي – محمود الأزهري – أحمد محمد خير- إسماعيل محمد بخيت – عبد القادر المرضى - حسن طه وصالح عبد القادر.. ثم التحق بالجلسات فيما بعد أمين محمد صديق ومحمد فضل الصديق وآخرين..
وقد نوقش في تلك الجلسات دستور الحزب .. وبعد مناقشات مستفيضة تم إقراره نهائياً في يوم 26/10/1945م بإجماع الحاضرين من أعضاء اللجنة التمهيدية ، كما وضعت النقاط الأساسية التي تبين هيكل الحزب و المذكرة التفسيرية التي تصحب الدستور وأوكل إعدادها لعبد القادر المرضى .. وفي جلسة 30/10/1945م انتخب المكتب السياسي للحزب كما يلى:
الأستاذ محمود محمد طه رئيساً
عبد القادر المرضى سكرتيراً
إبراهيم المغربي نائباً للسكرتير
أحمد محمد خير أميناً للصندوق
وعضوية بقية المجتمعين
ومن الدعوة إلى النظام الجمهوري جاءت تسمية الحزب بالحزب الجمهوري باقتراح من العضو أمين مصطفي التني .. وبذلك كان الحزب هو أول حزب ينادى بالنظام الجمهوري كنظام حكم للسودان ، وكان هذا أمراً غريباً في حينه، بل ويعتبر شاذاً ، إذ أن الأحزاب السودانية كانت ترى إن النظام الملكي هو الذي يناسب السودان وان الشعب السوداني غير مؤهل للنظام الجمهوري ، وكان هذا في حد ذاته اختلافا أساسيا بين الحزب الجمهوري وبين بقية الأحزاب..

أسلوب العمل


لقد كان الحزب الجمهوري كما أسلفنا ، ينعى على المؤتمر والأحزاب الأخرى عدم مواجهتها للاستعمار ، ولجوءها لأسلوب المذكرات والمؤتمرات ، وعدم التوجه للشعب لتوعيته وإثارة حماسه وشحذ حسه الوطني حتى يشارك مشاركة فعالة في الحركة الوطنية .. ولذلك رأى الحزب الجمهوري في بداية تكوينه أن واجبه المباشر والأساسي سد فراغ الحماس الوطني.. فلجأ إلى أسلوب الكتيبات والمنشورات ، وإلى الخطابة في المساجد والأماكن العامة، وفي المقاهي ودور السينما.. الخ.. يندد بالاستعمار ويكشف أساليبه ويطالب بالجلاء التام..
كل ذلك يتم في وضوح شامل ، وعمل مكشوف .. وكان الجمهوريون يخاطبون في الشعب حسه الوطني وعاطفته الدينية لإثارته وتحريكه ضد المستعمر ، كما كانوا ينتقدون الأحزاب التقليدية ، ويحاولون تحريكها لتصعيد العمل الوطني.. ورغم اختلافهم مع الأحزاب فقد كانوا يتصلون بها اتصالا مباشراً، وعن طريق الخطابات والمذكرات ويجتمعون بها لمناقشة القضايا الوطنية والأحداث التي تطرأ، كما حدث في قضية مزارعي الجزيرة، وعند سفر وفد الأحزاب إلى مصر، وفي قضية ثورة رفاعة وغيرها من الأحداث..
وقد كانت الصحافة الحزبية كثيراً ما ترفض نشر بيانات الجمهوريين التي لا تتفق مع خططهم في العمل السياسي، كما كانت الحكومة تضيق على الجمهوريين في الطباعة وتراقب الرونيو في المصالح والمكاتب ، مما يضطر الجمهوريين للطباعة خارج المطابع ، وقد ابتكر العضو منصور عبد الحميد جهازاً بسيطاً كبديل للرونيو لحل هذه المشكلة (عندما ورد نبأ وفاته عام 1982م إلى الجمهوريين ، نعاه الأستاذ محمود بكلمات مؤثرة، أوضح فيها المجهود العضلي الكبير الذي بذله الرجل في طباعة المنشورات بالطريقة المبتكرة، ثم ألقى كلمة على المشيعين عند الدفن بمقابر بري حول مآثر الفقيد).. وقد جرت محاولة من الحزب لاستغلال إذاعة أم درمان لنشر بيان له، وذلك بالاتفاق مع بعض موظفي الإذاعة على أن يقوم بعض أعضاء الحزب باعتقال الوردية وإذاعة البيان، ولكن أحد الموظفين الذين تم الاتفاق معهم كشف المخطط للحكومة ولم تتم المحاولة..
وكانت بعض منشورات الجمهوريين عبارة عن قصائد وطنية يقوم بنظمها عضو الحزب الشاعر محمد المهدي مجذوب.. وكان الحزب الجمهوري يتخذ من بعض القضايا ذريعة لتصعيد العمل الوطني ضد الاستعمار ويكثف العمل الخطابي كما حدث مثلاً بالنسبة لقضية الجنوب.. كما أن اللجنة المركزية للحزب بالعاصمة كانت على اتصال دائم بفروعها بالمدن المختلفة عن طريق المناديب والخطابات والتلغرافات والتقارير.. وربما سافر مندوب إلى موقع الأحداث خارج العاصمة للوقوف عليها وتوجيه الحركة .. فقد قاد رئيس الحزب ثورة الخفاض الفرعوني برفاعة ، كما اتصل بالمزارعين في قضيتهم مع الحكومة بمدني ورفع تقريراً عن القضية للجنة الحزب بالخرطوم ليتبناها الحزب.

البيعة


ولما كان منهج الحزب الجمهوري منهج ديني وأسلوبه في العمل السياسي يقوم على المواجهة والمناجزة والجهاد ضد المستعمر، ولما يتطلب هذا الأسلوب في العمل من تضحيات بالنفس والمال، فقد اتجه الحزب في بداية عهده إلى أسلوب البيعة للاستماتة في الجهاد.. فوضعت صيغة بيعة في نوفمبر 1945م ليوقع عليها الأعضاء .. نص البيعة كما يلى:-

1/ نحن مقتنعون أن المدنية الغربية فاشلة في إسعاد الإنسان..
2/ إن طريق النجاة لنا نحن الشرقيين خاصة والعالم أجمع هو الإسلام..
3/ يرد الإسلام إلى أصوله الأولى – القرآن وحياة الرسول..
4/ ليس في الإسلام عنصرية ولا أوطان..
5/ في الإسلام ما دمت مؤمناً فلك كامل الحرية في البحث ..
6/ نعاهد الله أن نقول الحق أينما كنا ولا نخاف في الله لومة لائم ..
7/ نعاهد الله على الاستمساك بالدعوة الدينية التي ترد الأصول إلى الله والرسول ، ولا نلين ولا نداجي ولا نخاف فيها أذى ولا مساءة ولا قتلاً ولا تشريداً ..
8/ نعاهد الله على أن نبذل في نصرة القضية النفس والمال والراحة ، في عسرنا ويسرنا وفي منشطنا ومكرهنا..
9/ نعاهد الله على أن نعمل في إعلاء كلمته منكرين ذواتنا وحظوظ نفوسنا ، موقنين بان الله لا يضيع أجر العاملين..
10/ نعاهد الله على أن لا نسرق ولا نزني ولا نكذب ، ولا نأتي بفاحشة مبينة بين أيدينا وأرجلنا ، مبتهلين إلى الله ليثبت ويقود عزائمنا وينجح مقصدنا ..
بسم الله الرحمن الرحيم .. ((والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)). صدق الله العظيم ..

وكان أول الموقعين على البيعة بامدرمان في 6/11/1945م: الأستاذ محمود محمد طه ، أمين محمد صديق ، منصور عبد الحميد ، محمد فضل الصديق ومحمد المهدي مجذوب ..
نتابع فيما يلي مسيرة الحزب في التعامل مع الأحداث من خلال المنشورات التي صدرت عنه في ذلك الوقت ..

المنشور الأول


في عام 1946م أصدر المجلس الاستشاري لشمال السودان قانون منع الخفاض الفرعوني .. فأخرج الحزب الجمهوري منشوراً بإمضاء رئيسه يهاجم فيه المجلس الاستشاري ويوضح فيه رأيه في القانون وفي موضوع الخفاض.. لم نعثر على نص المنشور كاملا، ولكن الأستاذ محمود لخصه لطلاب معهد الدراسات الأفريقية والآسيوية بجامعة الخرطوم عام 1975م فقال: (إن لكل أمة عادات حسنة وعادات سيئة، وعادة الخفاض الفرعوني عادة سيئة .. لكن العادات السيئة في الشعوب لا تحارب بالقوانين، وإنما تحارب بالتنوير والتعليم والإقناع .. الانجليز لم يكن غرضهم من إصدار القانون كرامة المرأة ، وهم في الحقيقة فتحوا لها سوق النخاسة وكل الأبواب التي لا تكون بها كريمة.. فغرض الانجليز الحقيقي من إثارة موضوع الخفاض، وقد أثير ذلك في البرلمان البريطاني، أن يقولوا للعالم في رد على حركتنا الوطنية ، أن السودانيين لا يزالون همجيين، يمارسون عادات متخلفة كهذه.. ولذلك فإنهم لم يبلغوا الرشاد الذي يؤهلهم لحكم أنفسهم، ليستمروا في البقاء بالبلاد).. هذا هو محتوي المنشور .. وبالفعل كان المنشور مثيراً وأحدث رد فعل مباشر من جانب الانجليز ، فأرسلوا الخطابين التاليين إلى الأستاذ محمود:
1/ الخطاب الأول:
مكتب التحريات الجنائية 36هـ/م ت ج ص.ب 288
الخرطوم في 24/3/1946م
محمود محمد طه .. تاجر .. أم درمان
السيد المحترم:
بموجب هذا مطلوب حضورك بمكتب التحريات الجنائية الساعة التاسعة يوم 25/3/1946م للإجابة على أسئلة تتعلق بمنشورات يعتقد أنها صدرت عن الجمهوريين ..
أرجوا التكرم بالتوقيع لاستلام هذا الخطاب ..
المخلص ج.أ.س يرايس
ملاحظ مكتب التحريات الجنائية

2/ الخطاب الثاني:
ورقة تكليف بالحضور للإدلاء بمعلومات تتعلق باحتمال الإخلال بالسلام
(انظر المادتين 81 و84)..
إلى محمود محمد طه، مقاول أم درمان
بما انه قد تبين لي بمعلومات موثوق بها، أنك قد أصدرت منشوراً يعتقد أنه من المحتمل أن يثير الشعور بالكراهية ضد الحكومة، ويؤدي إلى الإخلال بالسلام أو إلى إزعاج الطمأنينة العامة.. فأنت بموجب هذا مطلوب حضورك شخصياً للمثول أمام محكمة الجنايات في يوم 2/6/1946م الثامنة صباحاً لتوقع على كفالة مالية قيمتها خمسون جنيهاً، وأيضاً لتوقع على كفالة بواسطة ضامن واحد بمبلغ خمسون جنيهاً على أن تحفظ السلام، وتمتنع لمدة سنتين عن القيام بالأعمال غير المشروعة والتي من المحتمل أن تخل بالطمأنينة العامة، أو تبين السبب الذي يمنعك عن التوقيع على هذه الكفالة وهذا الضمان..
و.س. ماكدوال
قاضي جنايات الخرطوم
29/5/1946م

يلاحظ في الخطابين أن الانجليز تعمدوا تجاهل مخاطبة الأستاذ محمود بوصفه رئيساً لحزب سياسي، وهو اتجاه لعدم الاعتراف بالأحزاب التي تخرج على الخط المهادن للانجليز.. هذا وقد شغلت أنباء مواجهة الجمهوريين للانجليز صفحات الصحف في تلك الأيام، وهذا نموذج:
الرأي العام -3/6/1946م: مثل الأستاذ محمود محمد طه المهندس أمس، أمام قاضي الجنايات المستر ماكدوال متهماً من بوليس الخرطوم، تحت قانون التحقيق الجنائي لتوزيعه منشورات سياسية من شأنها الإخلال بالأمن العام، وقد أمره القاضي أن يوقع على صك بكفالة شخصية بمبلغ خمسين جنيهاً لمدة عام لا يشتغل خلالها بالسياسة، ولا يوزع منشورات أو يودع السجن لمدة سنة إذا رفض ذلك .. ولكن الأستاذ محمود رفض التوقيع مفضلاً السجن، وقد اقتيد لتوه إلى سجن كوبر